في فترة المراهقة كنت أبتعد كثيرا عن البيت و أتأخر في العودة
و كان ذلك يغضب أمي كثيرا ؛ لأنني لا آكل في البيت
و لأنني كنت أقضي معظم النهار نائما و لا أعود ليلا إلا متأخرا بعدما تنام أمي
فماكان منها إلا أن بدأت تترك لي قبل أن تنام رسالة على باب الثلاجة
وهي عبارة عن إرشادات لمكان الطعام و نوعه و كيفية تجهيزه
و بمرور الأيام تطورت الرسالة فأصبحت طلبات لوضع الملابس المتسخة في الغسيل و تذكير بالمواعيد المهمة
و هكذا مرت فترة طويلة من مراهقتي على هذا الحال ، و ذات ليلة ، عدت إلي البيت
فوجدت الرسالة المعتادة على الثلاجة ، فتكاسلت عن قراءتها ، و خلدت للنوم
و في الصباح فوجئت بأبي يوقطني و الدموع في عينيه
لقد ماتت أمي ، كم آلمني الخبر و تماسكت حتى دفناها و تقبلنا العزاء
و في المساء عدت لبيت و في صدري بقايا قلب من كثرة الأحزان
و تمددت على سريري ، و فجأة قمت منتفضا ، لقد تذكرت رسالة أمي التي على الثلاجة
فأسرعت نحو المطبخ ، و خطفت الورقة ، و قرأتها
فأصابني حزن شديد هذه المرة لم يكن بالرسالة أوامر و لا تعليمات و لا نصائح
فقط كان مكتوبا فيها :
" ابني الحبيب ، وحشتني كثيرا ، و أتمنى أن نجلس معا فأنا أمك
أم هل نسيت أن لك أما ، و أنا متأكدة أن في داخلك خير كثير سيظهر يوما ما
على العموم أسامحك و أحبك ، أمك "
و من يومها تغير حالي ، وهدأت روحي ، و انتهت مراهقتي ، و بدأ عهد الرجولة
و عملا بوصية أمي التي كانت تريد الجلوس معي ، فقد أصبحت أزورها في قبرها كثيرا
و آنس بها و أدعو لها بالرحمة و المغفرة .
قصة حقيقية ،، من كتاب( فن صناعة الذكريات مع الأبناء)