من أنا

"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل للآخرة كأنك تموت غدا"

الأحد، 11 مارس 2012

اعملوا ما شئتم ..


ما خُلقنا سدى، ولا خلقنا الله عبثا.. كلا، بل لمهمة عليا، وهدف أسمى،: لنعمر بالخير الأرض
 ونعبد بالتوحيد الرب.
كلنا يعلم ذلك علما، وقليل من يعلم ذلك عملا..!!.
خلقنا: لنعمل.. لنكدح، ونكدّ ونتكبد، ونسعى، وليس للإنسان إلا ما سعى، وإن سعيه سوف يَرى.
- {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
- {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه}.

هذا العمل هو الآفة والصحة، وهو الشر والخير.. والإنسان هو من يختار، فقد جعل الله له عينين
 ولسانا وشفتين، وهداه النجدين، وعليه اقتحام العقبة، فلا نجاة إلا باقتحام هذه العقبة.
والعقبة: شح النفس، وأمرها بالسوء، وسرعتها في الهلع والجزع.
- فاقتحام عقبة الشح: بالصدقة: بفك الرقبة، والإطعام في يوم ذي مسغبة: يتيما ذا مقربة
 أو مسكينا ذا متربة.
- واقتحام عقبة سوء النفس: بالإيمان بالله، واليوم الآخر.
- واقتحام عقبة الهلع والجزع: بالصبر، والمرحمة.
فمن تجاوز هذه العقبة، واقتحمها: تجاوز عقبة جهنم. [قيل جبل في جهنم]
* * *
كل الناس يعملون:
- المؤمن يعمل، والموحد يعمل، والمخلص يعمل، والعادل يعمل، والصالح يعمل.
- الكافر يعمل، والمشرك يعمل، والمنافق يعمل، والظالم يعمل، والفاسق يعمل.
لكن شتان ما بينهما، في الموضوع والجزاء.!.
- هذا عمل لله، وهذا عمل لغير الله.
- هذا أراد الآخرة، وهذا أراد الدنيا.
- هذا له الجنة، وهذا له النار.
هذا هو الفرق، لا غير ..!!.

فقالت عائشة رضي الله عنها:
"يا رسول الله!، ابن جدعان كان في الجاهلية، يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟، قال:
 لا ينفعه، إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين".

لا ينجو إلا العامل لله تعالى وحده، فلا العمل وحده ينفع، ولا الإخلاص وحده ينفع، والناس صنفان:
- صنف يعمل، ولله عمله. فهذا المفلح الفائز.
- وصنف يعمل، ولغير الله عمله. وهذا الخاسر.
فالعامل لله له: أجر الدنيا. وله: أجر الآخرة.
وأما العامل لغير الله تعالى، فلا ندري ما له ؟!!.
أما الآخرة فلا نصيب له فيها، وأما الدنيا فقد، وقد !!.
قد يكون له فيها نصيب، وقد لا يكون له فيها نصيب.
- ففي آية من القرآن: أخبر أن له نصيبا كاملا، مستوفى، بغير بخس.
- وفي أخرى: أخبر أن له بعض النصيب، لا كله.
- وفي ثالثة: أن ليس له أي شيء !!.

* فقال تعالى في الأولى:
 "من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون
 أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون".
فهذه حالة الوفاء الكامل، من غير بخس.
* وأما حالة الخسارة الكاملة، لا ينال أجر دنيا، ولا آخرة، فقال تعالى فيها:
{من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا }.
فليس كل من أراد الدنيا: ينالها. بل منهم من لا ينال شيئا، ولذا قال:
{لمن نريد}، فثمة من لا يريد الله أن يعجل له شيئا من الدنيا، ولو سعى لأجلها
 ومن عجل له فلا يعجل له كل ما يرجو، بل بقدر ما شاء الله تعالى:
{عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد}.
فمن طلب الدنيا، وعمل لغير الله تعالى:
هو مهدد بحرمان الدنيا نفسها، التي سعى لأجلها، كما حرم أجر الآخرة.
 ولأجل ذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن هذه الآية:
 {ما نشاء لمن نريد}، ناسخة لآية: {نوف إليهم أعمالهم فيها}.
ليس شيء أفظع من وعيد الله تعالى: موعظته تخلع القلوب. فكيف بتخويفه؟.
- {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين 
 لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون}.
سمع جبير بن معطم رضي الله عنه – وكان إذ ذاك مشركا 
 النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ قوله تعالى:
{أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}
 قال: "كاد قلبي أن يطير".
اسمع إلى موعظته في إصلاح العمل، وإخلاصه:
{إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أمّن يأتي آمنا يوم القيامة
اعملوا ما شئتم إنه بما تعلمون بصير}.
اعملوا ما شئتم.. العمل لكم، ولكم الاختيار.. لكم ما تشاءون..
لا أحد يُكره، ولا مَلَك يجبر.. أنتم في محض الحرية، وكامل الإرادة. فاعملوا ما شئتم:
- آمنوا، صلوا، صوموا، تصدقوا، أحسنوا.
- اكفروا، تجبروا، اظلموا، افسقوا، ابخلوا.
كل ما بدا لكم اعلموا، لكن تذكروا أنكم لا تخفون، فهو بعملكم بصير، كله في كتاب
 لا ينسى، ولايمحى، بل يبقى، حتى يأتي الموعد، وما أدراك ما الموعد.؟!.
* * *
- أشياء كثيرة من الخير نعلمها، لكن لا نعمل بها..!!.
- وأشياء كثيرة من الشر نعلمها، نجدّ فيها ونسارع..!!.
صدق الله تعالى إذ يقول:

 {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي}
.نهلك إذا هلكنا عن بينة، ونحيا إن حيينا عن بينة، فما عاد لأحد عذر بجهل، فقد قامت الحجة
 وما لنا إلا سؤال الله العفو والرحمة.
لا ندري: هل الفتن أكبر من طاقتنا ؟.
أم نفوسنا فيها دخن ؟!!، فما أن تعرض لنا فتنة، حتى نمد لها رؤوسنا، كالظمآن والمشتاق ..!!.
- نخادع بعضنا؟..: نعم.
- نخادع نفوسنا؟..: نعم.
لكن الله جل شأنه لا يخدعه أحد.. ولا يضره أحد؛ فهو فوق كل شيء.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
إذا لم يكن من الله عون للفتى، فأول ما يجني عليه اجتهاده.
الله تعالى طيب لا يقبل إلا الطيب من العمل، وقد حدد أنواع العمل الطيب، فقال:
- {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات
والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات
 والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات
 والذاكرين الله كثيرا والذكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما}
.فاعرض نفسك عليها، وانظر ما فعلت، وما تركت ؟.. وقال:
- {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
 والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين}.
فانظر فيها وتأمل، ماذا أتيت، وماذا نسيت ؟.
* * *
أخيرا:
يوم القيامة يتذكر الإنسان، فما من مجلس جلس فيه، فلم يذكر الله تعالى
 إلا كانت عليه حسرة، فالدنيا ساحة غنيمة.. لكن من الذي يدري، ومن الذي يغنم ؟!!.