من أنا

"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل للآخرة كأنك تموت غدا"

الأربعاء، 4 أبريل 2012

هل شكرت الله على نعمه؟

الحمدلله تعالى أسبغ النعم الكثيرة، وأعطى العطايا الغزيرة، والصلاة والسلام على النبي الطاهر وآله وأصحابه أكرم ناصر، وبعد:
إليك يا من أظلتك السماء بنجومها.. وأقلتك الأرض، فرتعت على ظهرها وأديمها!
شربت من مائها.. وأكلت من زرعها.. سخرت لك الأنعام..
وذللت لك الأرض.. ومخرت في لجج البحار فأخرجت منها لحماً طرياً وحلية تتزين بها!

نعم دارَّةٌ.. وعطايا نازلة! لا يحسبها العدُّ.. ولا يحيط بها العلم!

يا ابن آدم! هل تذكرت يوماً صاحب هذه النعم؟!
هل لهج لسانك بشكر رب تلك النعم؟!
أخي المسلم:
نعم الله تعالى عليك كثيرة.. فهل شكرت الله تعالى عليها؟!

حاسب نفسك واسألها: هل أنت من الشاكرين؟!
كم من نعمة عليك في صباحك ومسائك؟! وكأنها تناديك: هل أديت شكري؟!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}

{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }


فعجباً لمن رتع في نعم الله تعالى، ونسي أن يذكرها! نسي أن هذه النعم من الوهاب الذي بيده خزائن كل شيء!

عن عبدالله بن عمر بن عبدالعزيز قال: "ما قلب عمر بن عبدالعزيز بصره إلى نعمة أنعم الله عز وجل بها عليه، إلإ قال: اللهم إني أعوذ بك أن أبدل نعمتك كفراً، أو أكفرها بعد معرفتها، أو أنساها فلا أثني بها".

وعن ابن أبي الخواري قال:
"جلس فضيل بن عياض وسفيان بن عيينة ليلة إلى الصباح يتذاكران النعم، فجعل سفيان يقول: أنعم الله علينا في كذا، أنعم الله علينا في كذا، فعل بنا كذا، فعل بنا كذا".
هكذا كان الصالحون يتذكرون نعم الله تعالى عليهم.. ويظل ذلك دائماً حديث نفوسهم، فلا يغيب عنهم لطف الله تعالى بهم.. وإفضاله عليهم.
هنيئاً لقلب وقف عند النظر إلى جلائل إحسانه، فأقر بالنعمة لخالقه تبارك وتعالى، فاشتغل بشكره.. ولهج بالثناء عليه، فأين أنت اخي المسلم من قافلة الشاكرين؟!
فإياك أن تكون بعيداً عنها! وإلا وجدت نفسك في طريق آخر.. ولعله طريق أهل الكفران بالنعمة!
ولا تظن أن نعم الله تعالى لا تتجاوز مأكلك ومشربك وملبسك!
فإن من ظن ذلك فهو جاهل.. غافل!

قال الحسن البصري:
 "من لا يرى لله تعالى عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب أو لباس، فقد قصر علمه، وحضر عذابه".

جاء رجل إلى يونس بن عبيد، يشكو ضيق حاله فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم؟
قال: لا
قال: فبيدك مائة ألف؟!
قال الرجل: لا
قال: فبرجليك؟!
قال الرجل: لا!
قال: فذكره نعم الله عز وجل.
فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف، وأنت تشكو الحاجة؟!

أخي المسلم:
هذا هو طرف من نعم الله تعالى على خلقه نبه إليها هذا الإمام هذا الرجل الذي جاءه يشكو إليه الحاجة، وقد غاب عنه ما هو فيه من النعمة!
وهذا حال الكثيرين ممن قصر فهمهم عند إدراك حقيقة نعم الله تعالى.

وافهم أيها العاقل:
 أن من أعظم نعم الله عليك هي: الهداية إلى دين الإسلام.. والثبات على التوحيد.
جاء عن مجاهد في قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} قال: لا إله إلا الله.
وقال سفيان بن عينية:
 "ما أنعم الله عز وجل على العباد نعمة أفضل من أن عرفهم أن لا إله إلا الله.
قال: وإن لا إله إلا الله لهم في الآخرة كالماء في الدنيا".

وقال بكر بن عبدالله المزني:
 "من كان مسلماً وبدنه في عافية، فقد اجتمع عليه سيد نعيم الدنيا، وسيد نعيم الآخرة، لأن سيد نعيم الدنيا هو العافية، وسيد نعيم الآخرة هو الإسلام".

ودخل رجل على سهل بن عبدالله فقال:
 "اللص دخل داري وأخذ متاعي".
فقال: اشكر الله فلو دخل اللص قلبك وهو الشيطان وأفسد عليك التوحيد ماذا كنت تصنع؟!

أخي المسلم:
تلك هي نعمة الإسلام أعظم وأغلى نعمة نعمت بها، فهل شكرت الله تعالى عليها؟!
هل تذكرت عظم هذه النعمة؟!
كم مساكين أولئك الذين وقفت عقولهم عند نعمة الأكل والشرب، ولم تتذكر هذه النعمة العظيمة!
أخي المسلم:
 إذا كنت من الشاكرين لله تعالى على نعمه فأنت على خير عظيم.. وإن الهداية إلى الشكر نعمة تستحق الشكر!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها، إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة»

قال ابن القيم:
"يقال الشكر على الشكر أتم من الشكر، وذلك أن ترى شكرك بتوفيقه وذلك التوفيق من أجل النعم عليك، تشكر على النعم، ثم تشكره على الشكر".

وجاء عن بكر بن عبدالله المزني أنه قال:
"ما قال عبد قط: الحمد لله، إلا وجبت عليه نعمة بقوله: الحمد لله، قلت: فما جزاء تلك النعم؟
قال: جزاؤها أن يقول: الحمد لله، فجاءت نعمة أخرى، فلا تستنفد نعم الله عز وجل".

ثم هل حاسبت نفسك على إحاطة نعم الله بك من كل ناحية؟!
وها أنت غاد ورائح في نعم الله تعالى، وكل ذلك يدعوك إلى الشكر والثناء على الوهاب تبارك وتعالى..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها . أو يشرب الشربة فيحمده عليها»

أخي المسلم:
 تذكر دائماً أنك راتع في نعم الله فلا تستحقرن نعمة من نعمه، فكم من نعمة يضيق العلم عن معرفة قدرها وعظمها، ولا تفهمن أن النعمة أن تكون كثير المال.. واسع الثراء.. غارقاً في أنواع اللذات، بل إن نعم الله تعالى عليك فيها ما هو أعظم من ذلك وإن كنت قليل المال.


قال الحسن البصري:
 "الخير الذي لا شر فيه: العافية مع الشكر، فكم من منعم عليه غير شاكر".

أخي المسلم:
 اجعل الشكر من ديدنك، وأنت تطالع نعم الله عليك.
ولتعلم أن الشكر الصادق ما صدقته الأعمال، فليس شاكراً لله من شكره بلسانه، وعصاه بجوارحه..
فأين أنت من شكر الجوارح؟!

قال نصر بن محمد السمرقندي:
 "ويقال: الشكر على وجهين: شكر عام، وشكر خاص، فأما الشكر العام فهو: الحمد باللسان، وأن يعترف بالنعمة من الله تعالى، وأما الشكر الخاص: فالحمد باللسان، والمعرفة بالقلب، والخدمة بالأركان، وحفظ اللسان وسائر الجوارح عما لا يحل".

أخي المسلم:
 تلك من أهم معالم شكر الله تعالى، وإن الموفق من وفق إليهما.. وكان من أهلها..فحاسب نفسك أين أنت من مرتبة الشكر؟! وما هو حظك من هذه البضاعة الغالية؟!
فلتراقب نعم الله تعالى وهي ترد إليك بعين الشكر.. ولا تستعملن نعمه في معصيته تبارك وتعالى..

واسأل الله تعالى الإعانة على شكره.. عسى أن تكون من الشاكرين..
والحمدلله تعالى.. والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه..